يذكُرُ "ابن القيِّم" أنه تعالى: "يعلِّل أحكامَه وأفعاله بأسمائه"[1]، فذكر أمرين: أنَّ بين الصفاتِ وآثارها علاقةَ تعليل، وأن هذا التعليل تتنوع معه الآثار: إما أحكام وإما أفعال.
• أما تعليل الأحكام الشرعية بالأسماء والصفات: فقد وردت بذلك آيات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب: 1]، والمعنى: أنه: "لو علِم اللهُ عز وجل أن مَيْلَك إليهم فيه منفعة لَمَا نهاك عنه؛ لأنه حكيم" [2]، فجعل الخَتْم تعليلاً للحُكم الشرعي، وهو هنا النهي.
وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38]، فهو ﴿ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾؛ "ولذلك شرع هذه الشرائعَ المنطوية على فنون الحِكَم والمصالح" [3]، فجعل الختم تعليلاً للتشريع، وهو هنا الأمر.
وكقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5]، فقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5]: "تعليل للأمر؛ أي: فخلُّوهم؛ لأن اللهَ غفور رحيم" [4]، ومثله قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].
• ويتعلَّقُ بالأحكام تعليل الجزاء:
فجاء في تعليل الثواب قولُه تعالى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34]؛ فإنهم: "لَمَّا صاروا إلى كرامتِه بمغفرته ذنوبَهم، وشكرِه إحسانَهم، قالوا: ﴿ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34]، وفي هذا معنى التعليل؛ أي: بمغفرته وشُكرِه وصَلْنا إلى دار كرامته" [5].
وجاء في تعليل العقاب قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]، فالمعنى: "لأن اللهَ على كل شيء قدير؛ فالذهابُ بالسمع والأبصار لا يتحقَّقُ إلا مع القدرة على ذلك" [6].