مثِّلُ الأسماءُ والصفات الإلهية مادةً للبحث، تجاوزت كل مبحوث بسَعة العناصر، وقدَاسة المصدر، ولقد تناولها العلماءُ والدارسون على مدى التاريخ؛ لِما كان لها من الفضل في إدخال مَن أحصاها الجنةَ، فيما حثَّ عليه الرسولُ الكريم صلى الله عليه وسلم.
ولهذا السبب نجد الباحثينَ في الأسماء والصفات الإلهية أتَوْا من مشاربَ متنوعة؛ حيث بحثها اللُّغويُّون والفقهاء وعلماءُ الحديث وعلماء الكلام، وحاوَل كل فريق أن يتناولها من خلال عينيه وتخصُّصه، يبين عما فيها من مَعانٍ وأحكام، والحق أن هذه العلوم جميعًا تلتقي معًا لبيانِ أحكام هذه الأسماءِ والصفات المقدسة التقاءً لا غِنى عنه لجميعها.
ومن الظواهر الجديرة بالبحث - فيما يخص الأسماءَ والصفات الإلهية - قضيةُ التوظيف القرآني لها، ومن أعظمِ ظواهر هذا التوظيف ظاهرتان: ختم الآيات بالأسماء والصفات الإلهية، واقتران الأسماء والصفات.
والتركيز في هذا البحث المختصر هو على الظاهرةِ الأولى منهما، ظاهرةِ ختم الآيات بالأسماء والصفات الإلهية، والدارس لهذه الظاهرة يخرُجُ بفوائدَ جمة تظهر في جوانب كثيرة: عقَدية وشرعية ولُغَوية، ولبُّ هذه القضية أن الأسماءَ والصفات الإلهية لها آثار تقتضي وجودَها في الواقع؛ كما تقتضي رحمتُه تعالى وجودَ مرحومين، وكما يقتضي رزقُه تعالى وجودَ مرزوقين، وهكذا سائر الأسماء والصفات، لكل صفةٍ أثرٌ تقتضيه.