الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}
القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل فيها نزل مقرونا بسم الله سبحانه وتعالى ولذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ نفس البداية التي أرادها الله تبارك وتعالى وهي أن تكون البداية بسم الله .
وأول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت { اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ } .
وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون . . هي بسم الله . ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية .
على أننا نبدأ أيضا تلاوة القرآن بسم الله. . لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزله لنا . . ويسر لنا أن نعرفه ونتلوه . . فالأمر لله علما وقدرة ومعرفة . . واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى : { قُل لَّوْ شَآءَ الله مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ يونس : 16 ] لذلك أنت تقرأ القرآن باسم الله . . لأنه جل جلاله هو الذي يسره لك كلاما وتنزيلا وقراءة . .
ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟ إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله . . لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه .
فحين نزرع الأرض مثلا . . لابد أن نبدأ بسم الله . . لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها . . ولا خلقنا البذرة التي نبذرها . ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع .
والإنسان لا قدرة له على إرغام الأرض لتعطيه الثمار . . ولا قدرة له على خلق الحبة لتنمو وتصبح شجرة . ولا سلطان له على إنزال الماء من السماء . . فكأنه حين يبدأ العمل باسم الله، يبدؤه باسم الله الذي سخر له الأرض . . وسخر له الحب ، وسخر له الماء ، وكلها لا قدرة له عليها . . ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته . . فكأنه يعلن أنه يدخل على هذه الأشياء جميعا باسم من سخرها له . .
والله تبارك وتعالى سخر لنا الكون جميعا وأعطانا الدليل على ذلك . فلا تعتقد أن لك قدرة أو ذاتية في هذا الكون .