بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيد المرسلين
أخواتي الحبيبات
معجزة القرآن الكريم تتمثل في وجوه كثيرة، أولها البلاغة، وكونه فصيحاً بلسان عربي مبين، قال تعالى: (قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر:28)، وقد عجزت العرب رغم فصاحتهم بالإتيان بمثله لما فيه من حسن بلاغة وقوة في المعاني وبراعة الألفاظ ودقة التشبيه وحسن ترابط وتسلسل ورغم ذلك كان بلسان عربي بليغ ومبين، قال تعالى: { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } – الشعراء 195،
و في هذه الساحة العطرة نقوم بعمل حلقات مسلسلة في الإعجاز اللغوي في القرءان الكريم لنذكر بعض روائع البيان في القرآن الكريم
نبدأ على بركة الله
1- قال تعالى :{ واشتعل الرأس شيبا } .. مريم (4).. ما الحكمة من لفظ (اشتعل ) في الآية .. ؟؟؟
الاشتعال هو عملية تحول المادة المشتعلة من حالة إلى حالة أخرى مع استحالة رجوعها للحالة الأولى أي حالة ما قبل الاشتعال .. وهذا التصور والوصف ينطبق على السواد الشعر وبياضه أي أن البياض محال أن يعود سوادا ..
وهنا لطيفة أخرى في الآية .. وهي أن هنالك جدلا فلسفيا ذكر في _ تهافت الفلاسفة _ للغزالي ..حول هل البياض عرض أم جوهر أم هل السواد عرض أم جوهر وإذا حل البياض فأين ذهب السواد وأين كان البياض قبل المشيب ..الخ ؟؟؟ ويبدو أن القرآن قل حل المشكلة وببساطة إذ أن لفظة الشيب جاءت نكرة وما كان نكرة لم يكن أصلا للشيء أي لم يكن من جوهر الشيء .. وعليه فالمشيب عرض ككل الأعراض التي تبدو عندما يكون هنالك ما يفضي لها ..
2- قال تعالى :{ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم …. الآية } ثم قال تعالى { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين }. الزمر ( 72-73) ما الحكمة من دخول ( الواو ) { وفتحت } في أصحاب الجنة وعدم دخولها { فتحت } في أصحاب النار …؟؟؟
عملت ( الواو )هنا عملا بالغ الضرورة إذ أن أصحاب النار قد سيقوا إلى جهنم وهي بعد لم تفتح حتى إذا وقفوا على أبوابها فتحت عن جملة عذابها فكان هذا عذابا ضعفا عليهم ..
أما أصحاب الجنة فقد سيقوا إلى الجنة وأبوابها قد فتحت لهم قبل مجيئهم أي أن تقدير الآية { حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها …} وهذا من زيادة الترحيب بأهل الجنة وتعجيل البشارة لهم .. وبالتالي فقد أشارت هذه (الواو )إلى عذاب أهل النار المضاعف .. ونعيم أهل الجنة المضاعف ..