الأحرف الأساسية التي تقوم عليها اللغة العربية هي أربعة أحرف :
الحرف الأول والأكبر : الهمزة (بأنواعها).
الحرف الثاني: السين (بأنواعها،وتمثل حوالي نصف الأبجدية).
الحرف الثالث: حرف قديم مندثر،كان ينطق بين الباء والفاء .وهو في اللغة العربية حرفان هما: الباء والفاء.
الحرف الرابع: الميم .
من هذه الأحرف الأربعة،خرجت جميع كلمات اللغة العربية.والأحرف الأربعة جميعها عنت في الأصل: الخلق والوجود.
الهمزة هي الأصل
أكاد أجزم أن الحرف الأصلي الأكبر للحروف الأصلية الأخرى هو الهمزة.فالحروف الأربعة لها نفس المعنى وهو الخلق والوجود،كما سنرى،مما يدل على الأصل الواحد.
فالسين مثلاً قد تكون زائدة لفظية بدلاً من الراء (الراء بدورها زائدة لفظية تضاف للهمزة)،فقد يكون السين مجرد لفظ اضطر اللسان ان يخرجه مع الهمزة.
وبالنسبة للباء والفاء فتبدو من السين إن تحولت إلى ثاء،أو من الهمزة مباشرة كما نرى من لفظ بعض الشعوب لحرف الواو (همزة)
مثلاً وتحويلها إلى حرف v او p ،وهما يماثلان الباء والفاء بالعربية.وحرف الميم قد يكون لهجة في الباء/الفاء.
تفصيل أمهات الأحرف
الهمزات الأربع
لكي نتمكن من نطق تلك الأحرف أو أي حرف عموماً ،فلابد من إستخدام الهمزة.
حرف السين: س.عند لفظه أما أننا سنقول (سأ ) ، أو سنقول (أس).
حرف الباء: ب. عند لفظه سيكون: (أب) أو (بأ ) . وحرف الفاء: ف. عند لفظه سيكون ( أف) أو( فأ ).
حرف الميم: م .عند لفظه سيكون (مأ ) أو (أم).
فيتبين لنا أنه لابد من إلحاق الهمز بلفظ الحرف الأساسي قبله أو بعده.
والهمز قد يعتقد البعض أنه لا يشمل سوى حرف واحد وهو الهمزة المعروفة (همزة الألف).لكن الهمزة من الناحية العملية واللفظية لها أربع صور وهي: همزة الألف وهمزة الحاء وهمزة العين وهمزة الهاء.وطبعاً همزة الألف تشمل ثلاثة أحرف أخرى هي(الألف والواو والياء) .
ولتوضيح ماأعنيه بأحرف الهمزة
،نسوق الأمثلة التالية:
حرف السين:س. سيلفظ بهمز متقدم كالتالي:أس ، حس،عس،هس.وبهمز متأخر كالتالي:سأ ،سح،سع،سه.
حرف الباء: ب. همز متقدم: أب،حب،عب،هب. وهمز متأخر: بأ،بح،بع،به.
حرف الفاء: ف. همز متقدم: أف،حف،عف،هف. وهمز متأخر:فأ،فح،فع،فه.
حرف الميم: م. همز متقدم: أم،حم،عم،هم. وهمز متأخر:مأ،مح،مع،مه.
الأحرف اللفظية
هي أحرف لا تكاد أي كلمة تخلو منها أو تستغني عنها.والعجيب أن تلك الأحرف لا دخل لها بمعنى الكلمة،ولكنها فرضت وجودها بالكلمة
بسبب الضرورة اللفظية.وهي ثلاثة أحرف:
حرف الراء وحرف اللام وحرف النون.وقد تكون هذه الأحرف الثلاثة في الأصل حرفاً واحداً، ولكن إختلفت الألسن في لفظه.
وهذه الأحرف ليست سوى أحرف أو زوائد لفظية لا علاقة لها بمعنى الكلمة (منشأها).فهي أحرف يفرضها اللفظ اللساني كأسلوب
واقعي وعملي لنطق الكلمة وتحسين لفظها.فهي أحرف كأنها تحل محل الهمزة أو تخفف وقعها او تخفف الإدغام وتزيله او كأنها همزات أخرى.
ونستطيع أن نجد كلمات عديدة لا تحوي هذه الأحرف لها نفس معاني كلمات بها تلك الأحرف.ونزع احد هذه الأحرف من الكلمة يخل بجمالها اللفظي
ويوقعها في لبس مع كلمة أخرى.وهذه الأحرف تجري في اللغة كمجرى الدم في الجسد.فلا تكاد كلمة تخلو منها،ولكن مع ذلك وكما ذكرنا ،
لا علاقة لهذه الحروف البتة بمعنى الكلمة.وهذه الأحرف اللفظية تثري اللغة وتزيد مدى إنبساط اللغة وحريتها،وتكاد تكون مسئولة إلى حد كبير
عن الإختلاف بين اللهجات واللغات.وعندما نُعرّي الكلمة من تلك الأحرف فإنها اللفظ الأصلي (النواة) يتضح أكثر.
فمثلاً كلمة قربة يمكن إرجاعها لصيغة قأبة (كوب:ماء).إبل (إب:سير) .قبر (قبّ:بناء) .قفل (قفّ:بناء) .ولد (وأد:خلق/ماء) .رقى (أقى:قا:علو). نقص (أقص:قص)،وهكذا.فهذه الحروف (ر،ل،ن) لا علاقة لها بمعنى الكلمة وإنما تتدخل في طريقة لفظها وقولها.والأعاجم يسرفون أكثر من العرب في حشر هذه الأحرف اللفظية بكلماتهم،فمثلاً يتضح سماع حرف النون في لسان الصين كثيراً.
السين الزائدة1.السين الأولى
وهناك حرف آخر بالغ الأهمية ودوره خطير جداً في تطّور اللغة العربية منذ أقدم العصور، وهو السين.وهذه السين تختلف في دورها هنا عن حرف السين الأصلي الأساسي.فهذه السين هنا هي سين الفعل،حيث يلحق هذا الحرف السيني بالفعل لعمل فعل متعدي.وهي طريقة قديمة لتحويل الإسم إلى فعل.فمثلاً نحن اليوم نجعل فعل خرج متعدياً بإضافة الألف فنقول أخرج.ولكن قديماً كانوا يضيفون السين للفعل خرج فيقولوا سخرج.وهذه السين لم تنقرض أبداً، فما زالت لدينا، ولكنها قد تحولت بالتدريج إلى ثاء ثم تاء.فالصيغة الفعلية الحالية تفعل أصلها سفعل.فنقول اليوم :تعلمت الدرس وأصلها " سعلمت". ونقول تذكّر وتخرّج والأصل : سذكر وسخرج.فالسين القديمة كامنة في التاء أو غيرها من أشباه السين.كما نجدها في صيغة أخرى وهي صيغة إستفعل ،حيث توجد مكررة في نفس الكلمة ولكن بصورتين :سين وتاء. فكلمة إستفعل أصلها ستفعل (حيث الألف زائدة لفظية فقط لتسهيل النطق ).ونجد أن " ستفعل " من أصل " سسفعل" أي سيني تعدية (حرفي سين) داخلان على (فعل).
2.السين الأخرة
تستخدم هذه السين للدلالة على النسبة للشيء.فالمراد منها معنى هو/هي أو بالأحرى ذو/ذا/ذي.ولكن قديماً كان اللفظ بطريقة سو/سي .وتحولت مع الزمن بصيغة تي/تو لتستقر بالعربية بصيغ أخرى مثل:ت،د،ط وغيرها من أشباه السين.وهذه السين (التاء) كما قلنا، أراد بها القدماء النسبة أو الوصف.ونجد آثارها اليوم في بعض الكلمات غير الفصيحة مثل مكوجي ،جواهرجي،عربجي،كبابجي والأصل: مكوتي،جواهرتي،عربتي،كبابتي.وهذا يفسر تسميات مثل : حمزة،حنظلة،عروة،عنترة،معاوية،وغيرها.فنحن ظننا أن تلك التاء هي تاء تأنيث ،ولكنها في الأصل تاء نسبة (بمعنى:ذو). فأصل تلك الأسماء العربية هو: حمزتو،حنظلتو،عروتو،عنترتو،معاويتو.وهي تخدم معنى "ذو" أو "ذي".فمثلاً :حمزتو تعني ذو الحمز .وقد نجد ذلك شائعاً في أسماء بني إسرائيل مثل:طالوت(طالوتو=ذو الطول)، جالوت=جالوتو=ذو الجال(قيل/قال)، داود(وقد فسر ذلك القرآن بتعبير ذي الأيدي.فإسم داود أصله دأوتو (دأ=يد). كذلك: هاروت(هاروتي)،ماروت(ماروتي).
ولعل اليونان، وهم أساتذة أوروبه وأإمتهم في اللغة، والذين هم من أكثر الشعوب تأثراً بلغة بني نوح(كالشام ومصر)،أرادوا من السين العجيبة التي تلحق أكثر كلماتهم وأسمائهم هو تاء نسبة (سو =هو).فلعل هذه السين (تاء النسبة) أصلها الكلمة القديمة " سو " التي تعني " هو ".أي " ذو" .بينما الروم والأسبان شاعت لديهم ياء النسبة كالعربية .وبعض الشعوب كالسلاف والروس يلفظون واو النسبة كحرف "في، v" اللاتيني ،والبعض كالبوسنة يدمج الواو (في اللاتيني ) مع سين النسبة .اما بالنسبة للنساء فنجد آثار تاء تأنيث .
وهذه السين مشكلة وتحدث اللبس بين حرفين أصليين هما الهمزة والسين.فعندما تحوي كلمة حرف سين مثل كلمة عاد،لا نعلم هل الدال (السين) هي أصلية ام سين زائدة (للنسبة).فقد يكون الحرف الأصلي لكلمة عاد هو العين (همزة).
الموجز
والآن سنلخص الأمور السابقة في التالي:
الأحرف الأصلية الأم التي تعتبر أساس اللغة العربية ولغات المنطقة القديمة هي :
الهمزة والسين والباء/الفاء والميم.
أحرف الهمز هي: الهمزة (أ،و،ي) والحاء والعين والهاء.
أحرف لفظ، وهي: الراء واللام والنون والسين الزائدة.حيث السين الزائدة قد تكون للتعدية(سين الفعل) او للنسبة (من أصل ذو) .
هذه الأحرف بإختصار هي التي كونت اللغة العربية .فهي الأساس الأول والأدوات اللغوية الأولى .ولكن عبر العصور السحيقة تم تهذيب الكلمة وتحسينها وتنقيحها المرة تلو المرة ،حتى وصلت إلى أرقى وأعظم مستوى لها،إستطاع العرب أن يبلغوه، في الفترة التي عاش بها سيّد البشرية محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام.ثم نزل القرآن ليهزم العرب في اعظم إنجازاتهم، وهم أرباب البيان وسادته، ليتبين لهم أنهم لم ينجزوا شيئاً أمام بلاغة القرآن وفصاحته وحلاوته.
السين وأخواتها
حرف السين سواء الحرف الأصلي أو سين الفعل أو النسبة ،قد تشكله الألسن واللهجات في الأماكن المختلفة والأزمنة المختلفة كذلك ،إلى أحرف أخرى شبيهة.فحرف السين يمكن أن يتحول ببساطة إلى ثاء أو إلى تاء أو إلى دال أو إلى ضاد.والترتيب ليس وارد فالأمر قد يكون عشوائي حسب لسان القوم.فكل الأحرف التالية ممكن إرجاع أصلها الأقدم إلى
حرف السين:التاء،الثاء،الجيم،الخاء،الدال،الذال،الزاي،ال شين،ال صاد،الضاد،الطاء،الظاء،الغين،القاف،الكاف.فكل هذه الحروف ليست إلا لهجات قريبة او بعيدة في حرف السين الأصلي.والتنوع في إستخدامها ليس إلا بمحض الصدفة وحال لسان القوم .فليس بالضرورة أن تتقيد قرية أخرى مجاورة بأحرف قرية أخرى.فالسين قد تفضل لهجة ما، لفظه شيناً،ولهجة أخرى قد تفضل لفظه صاداً.وهكذا.فنرى أن أكثر الأحرف الأبجدية ليست سوى لهجات وتنوعات في حرف السين.فكلها نستطيع أن نسميها أشباه او لهجات السين أو أخواتها.لذا أرى تسميتها الأحرف السينية.وأنا أرمز لجميع هذه الأحرف السينية في الكتاب بحرف السين عموماً.
فنرى أن أمهات الحروف ليست سوى خمسة فقط وهي:
1.الهمزة وهي ستة أحرف (أ،و،ي،ح،ع،هـ).
2.السين بأنواعه المختلفة وعددها جميعاً خمسة عشر حرفاً بما فيها السين.
3.حرفي الباء والفاء.
4.الميم.
وهناك ملاحظة مهمة تدلنا على أصل الكلمة العربية الحديثة،وتساعدنا على إرجاعها لأصلها الأقدم.فعند دراستنا لكلمة ما،
يجب البحث أولاً عن الحرف الأصلي الذي قد يكون صورة من صور الهمز،أو صورة من صور السين،أو حرفي الباء والفاء،أو الميم.
وليست هناك مشكلة في تحديد هذا الحرف الأصلي إذا حوت الكلمة حرفاً مثل: باء أو فاء أو ميم.ولكن المشكلة في الكلمة التي لا تحوي (ب،ف،م) ،بينما تحوي حرف
السين.وعندها قد لا ندري إن كان الحرف الأصلي فيها هو الهمز أم السين.لإحتمال الخلط بين السين كحرف أصلي او سين زائدة .وهذا الأمر يفرض اللبس بين السين والهمزة.
كذلك لا يمكن أن ياتي حرفان أصليان في كلمة واحدة.فإن حصل ذلك فأحدهما ليس أصلياً.لأن الحرف الأصلي يمثل معنى أصلي أساسي اشتق منه معنى الكلمة الجديدة.فلا يفترض
أن تشتق الكلمة من حرفين أصليين،ولكن يكفي إشتقاقها من حرف أصلي واحد للدلالة على معنى واحد للكلمة.
في البداية يسمي الأقدمون الشيء الجديد بحرف ما من تلك الأحرف الأربعة.ثم تضاف إليه الهمزة (او الهمزات) بأشكالها المختلفة حسب اللهجة.
وقد تضاف سين زائدة (سواء سين تعدية او غيرها) تلفظ بأحرف متنوعة مثل(س،ص،ث،د،وغيرها)،كما تضاف الأحرف اللفظية الثلاثة وهي (ر،ل،ن)
للكلمة التي تقوم بتغطية وحجب الهمز وتخفيف حدّة اللفظ وتسهيله على اللسان. ثم عندما يشيع اللفظ والمعنى لتلك الكلمة ويتخصص بمعنى معين
محدود تتحجر الكلمة لفظياً وتأخذ قالباً واحداً ثابتاً.ثم قد يستلم تلك الكلمة المتحجرة جيل آخر فيما بعد، لم يعد يعبأ بطريقة إشتقاق الكلمة لأنها أصبحت متحجرة
وقد لا يسهل إرجاعها لأصلها المنطقي، فيقوم هذا الجيل الجديد بتكرار إضافة همزات أخرى أو سين زائدة أو أحرف لفظية اخرى للكلمة وهكذا.
فواتح السور
تبدأ كثير من السور بالقرآن بأحرف لم يهتدي أحد لمعناها حتى اليوم.ولو فهمناها لفهمنا أصل الكلام بدقة متناهية.ولا أزعم أني فهمت معناها ولكنها بداية عسى الله أن يفتح علينا فيها،وهذه الحروف سأقسمها كالتالي:
1) حم،الم،المص، المر، طسم 2) ص، ق، طه، يس، طس،عسق 3) ن، الر 4)كهيعص
كما نعلم أن أحرف فواتح السور،مازالت تستعصي على الفهم،ولكن ربما لها علاقة بالأحرف الأساسية الموضحة.فمثلاً :
1) حم،الم،المص، المر، طسم ،تبدو كأنها حرف ميم.فمثلاً (حم) قد تكون حرف ميم يلفظ بهمزة الحاء.و(الم) قد يكون حرف ميم لفظ بهمزة الألف (أم) ثم خفف باللام (الم).و(المص) قد يدل على إلحاق الميم (الم) بحرف السين (ص) كنسبة.و(ألمر) قد يدل على إلحاق (الم) بالراء كزائدة لفظية.و(طسم) قد يدل على إضافة السين (للتعدية) إلى حرف الميم (سم)،ثم تحولت السين الأخرى إلى طاء (سسم-طسم).
2) ص، ق، طه، يس، طس،عسق: قد تمثل هذه الحروف السين.وقد تكون الصاد والقاف والطاء قد تكون تنوعات في لفظ السين.ولفظة (طه) قد تكون طاء ملفوظة بطريقة همزة الهاء.و(يس) قد تكون سين مبدوئة بهمزة الياء.و(طس) قد تكون في أصلها (سس) حيث السين الأصلية لفظت ط (لإلتقاء سينان).و(عسق) مكونة من همزة العين كضرورة لنطق السين (عس) وسينان لفظت إحداهما قاف لضرورة لفظية.
3) ن، الر ،قد تمثل حرف الهمزة.حيث خففت الهمزة الأصلية المحذوفة بإضافة النون التي هيمنت على اللفظ.و(الر) قد يوضح طريقة ضرورة لفظ الهمزة وتخفيفها إما باللام أو بالراء.
4)كهيعص: قد تكون الكاف (سين) هي الأصل ،وبقية الأحرف تنوع في الهمز بالإضافة إلى سين نسبة (ص)،والله اعلم.
فأحرف فواتح السور أرى أنها تدل على الأصل الحقيقي الدقيق للسان آدم،الذي منه نشأ البيان.فقد تكون تلك الأحرف ملخص لمحاولات آدم الأولى للنطق وتسمية الأشياء ، والله أعلم.وطالما أننا لم نفهم معناها الحقيقي بعد فهذا في نظري يدل على عدم فهمنا للسان آدم أو حقيقة البيان وأصله.وما حاولت أن أوضحه بالنسبة للأحرف الأساسية الأربعة أو الخمسة قد لا يكون دقيقاً ولكنها مقدمة لبحوث أخرى أدق أرجو من الله أن يستأنفها غيري لنزداد فهماً لأصل البيان وللغة العربية الخالدة.
الأحرف الهجائية
ينبغي تصنيف أحرف الهجاء إلى تصنيف جديد كالتالي:
الهمزة (أ،و،ي،ح،ع،هـ) ، ب/ف ،س ( ت،ث،ج،خ،د،ذ،س،ش،ص،ض،غ،ق،ك)، م ، (ر،ل،ن) .
كيف تكونت اللغة من هذه الأحرف؟
الأحرف الأربعة وهي الهمزة (بأنواعها الأربعة) والسين (بلهجاتها المختلفة) وحرف الباء/الفاء ، والميم،كل هذه الأحرف تدل أساساً ،وببساطة شديدة، على الخلق
والوجود.ونستطيع التفصيل أكثر فنقول أن هذه الحروف الأربعة تعبر عن الخلق والوجود والظهور والبدء والنشوء وغيرها من المعاني التي تدل جميعها
في الأساس على وجود الشيء وكينونته وخلقه.فببساطة تستطيع أن تسمي أي شيء تراه شاخصاً أمامك بأحد هذه الأحرف.
وطبعاً معنى الخلق فقط لا يكفي لتقوم عليه اللغة.ولكن المدهش أن العديد من المعاني الأخرى قد ارتبط بمعنى الخلق والوجود بطريقة او بأخرى.
ومن هذه المعاني الأخرى تكونت اللغة.فمثلاً نبدأ بتسمية الأشياء التي نراها بحرف من هذه الأحرف الأربعة،لنعبر عن وجوده .ثم نجد ان هناك معنى آخر تلقائي
يرتبط بمعنى الخلق والوجود وهو الظهور والنشوء والطلوع (معاني العلو).كما أن كثير من الآيات تجري وتتحرك كالشمس والأنهار والدواب
فخرجت من الآيات معاني الحركة والقدوم.فنرى أن الخلق والوجود تحول إلى ظهور وخروج وحركة.والحركة تتحول إلى جواز وعبور وقطع .
والوجود رؤية ونور ونار. وكثيراً ما تتداخل هذه المعاني في الكلمة الواحدة،ولكن قد يطغى ويتضح معنى واحد دون غيره ليخصص ويميز الكلمة أكثر .
فالخلق تحول إلى علو وصعود وإلى حركة وسير.وما أكثر الأشياء التي تتحرك ،خاصة الرياح والمياة فتسمت بذلك.ومن ناحية أخرى ،الخلق والوجود
يرتبط به معنى مهم جداً وهو الرؤية.كما ان كثير من المخلوقات تشع (بعث وخلق) وتبرق بالضوء والحرارة والنور.فظهرت معاني
الحرارة والنار والضوء والرؤية وغيرها.
الأساس يظل هو الخلق والوجود والإخراج.فالرؤية والنور والنار هي في الأصل خروج وإنبعاث للضوء،أو إحساس بالوجود .
والعلو والإرتفاع من الخلق والظهور والطلوع. والسير في اصله ظهور وخروج وطلوع للمخلوق نظرنا إليه كقدوم وإتيان وجريان.
اما القطع فمشتق من الجريان عبر الأشياء وإختراقها (جوزها وجزّها).والماء ربما من الخلق أساساً كآية موجودة او من الجريان او منهما معاً
حيث ينظر للسيل مثلاً كآية خارجة وقادمة.والكلام او الصوت في أصله خلق وإخراج للصوت من الفم.وهكذا نجد ان اصل الكلام هو الخلق والإنبعاث.
ولكن قد يظهر معنى مشتق من الخلق كالجريان او النور او الصوت لا يتضح فيه الخلق ولكن يكمن فيه وتتضح فيه صفة اخرى مشتقة تطغى على الأصل.
فأرى انه ليس من الممكن فصل معاني الجريان والنور وغيرها عن معنى الخلق الأم.ولكن للتبسيط او لوضوح معنى فرعي اكثر من المعنى الأصلي (الخلق)
قسمنا معاني الكلمات إلى معاني فرعية يظل معنى الخلق فيها كامناً.