قَال الْشَّيْخ عَطِيَّة مُحَمَّد سَالِم – رَحِمَه الْلَّه - : ( إِن الْإِجَابَة عَن كَيْفِيَّة إْصَابَة الْعَيْن وَالْكَشْف عَن حَقِيْقِة ذَلِك فِعْلا وَمُسَبَّبَا لَيْس بِالْعَمَل الْمَيْسُور ، وَلَم يَزَل ذَلِك خَفِيّا حَتَّى الْيَوْم 00 وَهَذَا مِن النَّاحِيَة الْمَنْهَجِيَّة ، مُتَعَذِّر أَو مُمْتَنِع ، لِأَنَّه تَأْثِيْر غَيْر مَحْسُوْس ، وَغَيْر الْمَحْسُوس لَا يُمْكِن إِدْرَاكِه بِالْحِس ، وَإِنَّمَا الْحِس يُدْرِك آَثَارِه ، وَيْحَكُم بِوُجُوْدِه أَو عَدَمِه ، أَمَّا كُنْه عَمَلُه وتَفَاعِلاتِه ، فَلَا 00 مِثْلِه كَالْرُّوْح فِي الْجِسْم ، وَتَيَّار الْكَهْرُبَاء ، وَتِلْك الأَشِعَات الْحَدِيثَة ، تَرِدُك آَثَارُهَا وَيُتَصَوَّر وُجُوْدُهَا مِن تِلْك الْآَثَار 00 وَقَدِيْما قَالُوْا : كَتَأْثِير الْمِغْنَاطِيْس فِي جَلْب الْحَدِيْد ، أَمَّا مَا هُو الْمِغْنَاطِيْس فَلَيْس مَعْلُوْما بِمَاهِيَّتِه 00 وَمِن هَذَا الْبَاب تَأْثِيْر عَيْن الْعَائِن فِيْمَن أَصَابَه بِعَيْنِه 00 وَمَع ذَلِك فَقَد اجْتَهَد الْعُلَمَاء رَحِمَهُم الْلَّه تَعَالَى فِي الْعُصُوْر الْمُتَقَدِّمَة فِي الْكَشْف عَن حَقِيْقَتِه ، وَنُقِل عَنْهُم – رَحِمَهُم الَّلَه مَا قَالُوَه ، وَهُو مَا بَيْن مُوْجَز وَمُطَوَّل ، مَع اخْتِلَاف وَجِهَات الْنَّظَر ، شَأْنِهِم فِي ذَلِك شَأْنِهِم فِي الْمَسَائِل الِاجْتِهَادِيَّة ، وَلَا سِيَّمَا الْخَفِي مِنْهَا عَن الْحِسِّي ) ( الْعَيْن وَالرُّقْيَة وَالاسْتِشْفَاء مِن الْقُرْآَن وَالْسُّنَّة – ص 24 ) 0
وَيَقُوْل ايْضا : ( فَالَوِقَايَة مِن كُل ذَلِك – يَعْنِي الْعَيْن - وَمَا يُشْبِهُه يَكُوْن بِمَا يَتَلَائِم مَعَه وَيُدْفَع ضَرَرُه ، وَكَذَلِك الْعِلَاج وَالْوَقَايَة الْطَّبِّيَّة فَإِن مِن بَدِيهِّيَات الْطِّب وَأَوْلْيَاتِه تَشْخِيْص الْدَّاء وَمِن ثَم تَقْدِيْم الْدَّوَاء 000 وَالْوِقَايَة مِن كُل دَاء بِحَسَبِه مِن أَنْوَاع الْأَمْصَال الْمُلَائِمَة لَه 0
وَمَوْضُوع الْعَيْن لَم تَعْرِف عَلَى الْتَّحْقِيْق كَيْفِيَّة الْإِصَابَة مِنْهَا ، كَمَا تَقَدَّم لِأَنَّهَا مِن الْأُمُور الْمُغَيِّبَة عَنَّا ، فَلَا يُمْكِن تَشْخِيصُهَا فِي مَخْتَبَرَات كِيْمْيَائِيَّة ، وَلَا بِالأَشِعَات الْكَهْرَبَائِيَّة وَلَا بِعَوَارِض ظَاهِرَة ... وَعَلَيْه فَلَا سَبِيِل إِلَى مَعْرِفَة شَيْء عَنْهَا إِلَا مَا يَظْهَر مِن عَوَارِض الْتَّأْثِيْر بَعْد وُقُوْعِهَا تُظْهِر عَلَى مَن أَصَابَتْه الْعَيْن 0
فَلَا سَبِيِل إِلَى الْوِقَايَة مِنْهَا قَبْل وُقُوْعِهَا إِلَا بِمَا جَاء وَحِيّا مِن كِتَاب الْلَّه أَو سُنَّة رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ) ( الْعَيْن وَالرُّقْيَة وَالاسْتِشْفَاء مِن الْقُرْآَن وَالْسُّنَّة – ص 39 ، 40 ) 0
قَال الْدُّكْتُوْر فَهِد بْن ضَّوْيَان الْسُّحَيْمِي عُضْو هَيْئَة الْتَّدْرِيس فِي الْجَامِعَة الْإِسْلامِيَّة بِالْمَدِيْنَة الْنَّبَوِيَّة فِي مَنْظُوْمَتِه الْعِلْمِيَّة لِنَيْل دَرَجَة الْمَاجِسْتِيْر : ( لَم يُرِد فِي الْشَّرْع مَا يَبِيْن كَيْفِيَّة الْإِصَابَة بِالْعَيْن ، وَلَسْنَا مُطَالِبِيْن بِمَعْرِفَة ذَلِك ، وَلَا مُتَعَبِّدِين بِه ، فَكُل مَا أَخْبَر بِه الْشَّارِع وَجَب عَلَيْنَا الْإِيْمَان بِه وَالتَّسْلِيْم وَلَو لَم نَعْقِل الْحِكْمَة أَو الْكَيْفِيَّة 0 وَإِن عَلِمْت فَذَلِك مِمَّا يَزِيْد فِي الْإِيْمَان وَهُو خَيْر عَلَى خَيْر 0
وَالَّذِي يُمْكِن مَعْرِفَتُه مِن كَيْفِيَّة الْإِصَابَة بِالْعَيْن هُو أَن الْعَائِن إِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُه وَلَم يُبَرِّك قَد يَخْلُق الْلَّه مِن الْضَّرَر لِلْمَعِين مَا يَشَاء إِذَا شَاء 0
أَمَّا مَا ذَكَرَه بَعْض الْعُلَمَاء :
مِن أَن كَيْفِيَّة الْإِصَابَة بِالْعَيْن هُو : انْفِصَال قُوَّة سُمِّيَّة مِن عَيْن الْعَائِن أَو جَوَاهِر لَطِيْفَة غَيْر مَرْئِيَّة تَتَّصِل بِالْمُعَيِّن وَتَتَخَلَّل مَسَام جِسْمِه 0
فَهَذَا أَمْر مُحْتَمَل لَا يَقْطَع بِإِثْبَاتِه وَلَا يَجْزِم بِنَفْيِه وَالْلَّه أَعْلَم ) ( أَحْكَام الْرُّقَى وَالْتَّمَائِم – ص 94 ) 0