إن الحمد لله نحمده ونشكره ونستعين به ونستهديه
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .
من يهده الله فهو المهتد ومن يُضلل فلن تجد له ولياً مرشدا
وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده صدق وعده نصر عبده أعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده لا شيئ قبله ولا شيئ بعده
وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله
صلى الله وسلم عليه وعلى اَله وصحبه أجمعين
أيها الإخوة الأكارم
أود في معرض حديثي هذا أن اُبيّن لكم الفرق مابين (رؤيا الرحمن الحق)
وأضغاث احلام الشيطان والعياذ بالله منه.
الرؤيا حق من الرحمن والحلم أضغاثٌ من الشيطان
فقد كان الصادق المصدوق محمد بن عبدالله وهو خير خلق الله
يسأل أصحابه في كل صلاة فجر (من منكم رأى رؤيا؟)
والرؤيا إنما تراها روح الإدراك التي عندما ينام الإنسان تخرج وتجوب الأرض والبحار والجبال وترى أناساً وتتحدث وتتألم وتفرح والجسد وروح الإحساس في مكانٍ اَخر تتحكم في احاسيسه وتنظم بامر الله نبضاتُ
قلبه ودمه وتتفسه وتقلبِه والرؤيا هي عند الإنسان (رؤيتان)
رؤيا العين ورؤيا الفؤاد .
فرؤيا العين هي معروفة يصيبها السحر والتخيّل والظنون وقد قال الحق سبحانه(فإذا حبالهم وعصِيهم يُخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى) فقد سُحٍرت عين نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام أما رؤيا الفؤاد فهي من إختصاص
رحمن السماوات والأرض ورحيمهما (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق)
(وما جعلنا الرؤيا التي أريناكهاإلاّ بشرى )
ورؤيا الفؤاد هي احق من رؤيا العين المجرده وهي التي لا يصيبها سحرٌ
او ريب لانها رؤيا وليست أضفاث أحلام وقد جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله رأيتُ في منامي رأسي يتدحرج أمامي
فقال صلى الله عليه وسلم (تُرى بأيّ عينٍ رأى رأسهُ )فقال الصحابة رضي الله عنهم الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وسلم ذاك في قوله سبحانه وتعالى(ماكذب الفؤادُ مارأى)ولقد رأى رأسه بعين فؤاده
فعين الفؤاد لاتكذب ولا يخالطها الشيطان الخبيث لأنها في كامل الإدراك
وهي النفس التي قال فيها الحق سبحانه(الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيُمسك التي قضى عليها الموتُ ويُرسلُ الأخرى إلى أجلٍ مسمى)فالإنسان يعيش الحياة بكامل حواسه وأولها
السمع وثانيها البصر وثالثها الفؤاد(إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا)ورد الفعل على كل أولئك هو اللسان (النطق)يسمع ويرى ويُعبّر بنطقه إذا كان (حيّا)وإذا ماتوفاه الخالق جلّ جلاله وانتقل إلى عالم البرزخ فإنه سيسمع ويرى ليس بالعين المجرده وإنما بفؤاده وعندها سيرى الأشياء من غير حجاب وسيكون بصره بقوة الحديد
(لقد كُنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرُك اليوم حديد)
ولكن من غير نطقٍ مع من هم على قيد الحياة الفانيه وفي معركة بدرٍ الكبرى امر النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء صناديد قريش القتلى
في بئر(قليب)وبعدها ناداهم قائلاً (ياعتبه ياشيبه إبنا ربيعه يافلان يافلان إنّي قد وجدتُ ماوعدني ربّي حقاً فهل وجدتم ماوعدكم ربكم حقا؟)فقال عمر بن الخطاب يارسول الله ماتكلم إلاّ أجساداً باليه!! فقال صلى الله عليه وسلم (ياعمر والّذي نفسي بيده ماأنت بأسمع مما أقول ولكنهم
لا يردّون)أي لا ينطقون فقد فارقتهم روح الإحساس وبقيت ملازمة لهم روح الإدراك التي وصفها الله بالحديد ترى الحق ولا يخالطها الظنون
وترى الملائكه على حقيقة هيئتهم وايضاً لا تحكمها قوانين النواميس الكونيه ونستخلص من هذا كله أن ّ الرؤيا من الرحمن وإذا تكررت رؤيا الإنسان المظلوم البرئ المصاب بعمل السحر وهو مُعتصمٌ بحبل الله
المتين ومؤديا لحقوق الله يحلل الحلال ويُحرّم الحرام بان الذي سحره
فلانٌ من الناس فهي حق وليس من الشيطان خاصةً من يتسلّح بالوضوء قبل النوم وعلى أن لا يُفكر قبل النوم بفلان أو بهذه المسأله لأن الذي يفكر بشئٍ قبل النوم قد يُترجم ذلك في منامه وصلى الله وسلم وبارك
على معلم الهدى ونبي الرحمه وعلى اَله وصحبه أجمعين