بسم الله الرحمٰـن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد :
ما الفرق بين استأنس واستأذن وهل هما نفس المعنى ؟
استأنس واستأذن فعلان قد يظنُّ البعض أنهما بمعنى واحد وهو طلب الإذن بالدخول وهذا غير صحيح لأن القران استخدم اللفظين وجعل لكل منهما معنى كما سياتي:
[ استأنس: الأُنس النفسي ]
كلمة آنس فعل ماض من الايناس وردت ثلاث مرات في سياق واحد وهو قصة موسى عليه السلام فلما عاد من مدين الى مصر ضل الطريق في الصحراء ليلا فراى نارا على جبل الطور من بعيد فلما رآها: ( قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ )
والكلمة فيها معنى الانس النفسي الشعوري اذ ارتاحت نفس موسى عليه السلام لما راى النار من بعيد وتوقع ان يجد عندها الدليل للطريق.
وقد اوجب الله على المسلمين الاستئناس عند الدخول لبيوت الاخرين فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )
[ استأذن: الاذن المادي ]
وكذلك اوجب الله على المسلمين الاستئذان عند الدخول للبيوت وورد هذا في اكثر من اية قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
لقد وردت الكلمتان في موضوع واحد وهو أدآب دخول البيوت كل من الفعلين (استأذن) و (استأنس) يدل على معنى الطلب _الهمزة والسين والتاء تدل على الطلب_
لكن استأنس يدل على طلب الأُنس
واستأذن يدل على طلب الإذن.
[ الفرق بينهما من وجهين ]
الفرق الأول:
ان الاستئناس يسبق الاستئذان اي انه مرحلة اولى بينما الاستئذان مرحلة ثانية.
فإذا أردا المسلم زيارة أخيه في بيته فلا بد له ان يستانس اولا قبل ان يستاذنوا لهذا أوجب الله علينا بقوله " حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا "
انه قبل أن يخرج من بيته إلى بيت أخيه يسأل نفسه هل يحصل الأُنس عند أخيه وهل يأنس أخوه به ويأنس إليه هل هذا وقت مناسب للزيارة أم لا؟ فاذا توقع الانس من أخيه واستأنس بالزيارة فإنه يخرج من بيته ويذهب الى بيت اخيه ويطرق بابه ويستاذن بالدخول
ثم ان الاستئناس حركة نفسية شعورية ذاتية بينما الاستئذان حركة مادية عملية خارجية تتصل بالاخرين.
الفرق الثاني:
إن الإستئناس مطلوب من الزائر الخارجي الذي ليس من اهل البيت ليكون وقته مناسبا للزيارة ثم ياتي الاستئذان
أما الاستئذان فهو حركة داخلية مطلوب من اهل البيت وموظفيه وخدمه ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ) ، ( وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
ان الاستئناس في التعبير القراني للقادم من بعيد في الوقت المناسب قبل الاستئذان وعند وقوفه على باب البيت.
أما الإستئذان فهو لمن كان داخل البيت يطرق الأبواب الداخلية لحجرات البيت والله تعالى اعلم .