{لا تعتذروا قدكفرتم بعدإيمانكم }
يقول الشيخ أبومحمد المقدسي حول هذه الآية جزاه الله عنا خير الجزاء:
فهذا نص قاطع بأن المستهزئ بالله أو بشيءٍ من دينه أو برسوله كافر مرتد بعد إيمانه، فسبّ الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن في الدين من باب أولى ، سواء كان جداَ أم عن هزل ولعب، إذ هذه الآيات نزلت في قومٍ كانوا قد خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم للجهاد في غزوة تبوك فصدر منهم بعض الاستهزاء بصحابته القراء.. فلما نزلت فيهم هذه الآيات أخذوا يعتذرون من النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون:
(إنما كنا نتحدث حديث الركب - أي المسافر - نقطع به الطريق) أي: إنما كنا نتمازح ونلعب لنقطع بذلك تعب السفر وطوله ولم نقصد بذلك أو نتعمد أو نعتقد الكفر، فلم يقل الله لهم: كذبتم بل تعمدتم أو اعتقدتم ولذلك كفرتم.. بل قال:
{لا تعتذروا قدكفرتم بعدإيمانكم }
أي: بفعلكم هذا ولو لم يكن عن اعتقاد أو تعمد الخروج من الدين.
فكفّرهم سبحانه لما صدر منهم ذلك رغم أنهم كانوا يصلون ويصومون وقد خرجوا للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فليحذر المسلم إن كان حريصاً على سلامة دينه من هذه المهالك وأصحابها.
ولا يجوز أن يقول؛ أنا ولله الحمد لا أسب أو أطعن أو أستهزئ بشيءٍ من دين الله ثم يُجالس ويُؤاكل ويُقاعد ويُلاعب ويُمازح ويُرافق من يفعل ذلك ويبش في وجهه أو يكرمه.. بل الواجب أن يزجره وأن ينهاه ويُظهر الغضب في وجهه، وإن كان مجالساً له فليُفارقه إن لم يقدر على إنكار ما فيه من طعن أو سبّ في دين الله وإلا كان شريك أهله بالكفر عياذاً بالله، قال تعالى:
{وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إنّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعاً}.
وتأمل كيف هدد الله المنافقين الذين يسمعون مسبته ومسبة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم من الكفار ثم لا يُفارقونهم أو يُنكرون عليهم بل يُجالسوهم ويُؤاكلونهم ويُقاعدونهم، فالله يتوعدهم بأن يجمعهم كذلك في جهنّم جميعاً.
فليحذر المسلم على دينه من هذه الجريمة النكراء وأهلها الذين يسبون ويُبارزون ويُحاربون خالقهم ورازقهم ليل نهار، مع أنّ نعمه عليهم ظاهرة وباطنة لا تُعدّ ولا تُحصى وخيراته تتنزل عليهم ليل نهار، بينما في المقابل يهتفون ويُغنّون ويُصفّقون ويُتابعون جلاديهم من كفرة الحكام المحاربين لدين الله المعطّلين لشريعته المحكّمين والمشرّعين للقوانين الوضعية الكافرة، والذين يسومونهم سوء العذاب ولا يأتيهم منهم إلا كلّ ذل وهوان وأكل للأموال ونهبٍ للخيرات.. فسحقاً سحقاً لمن بدّل وغيّر, انتهى كلامه بارك الله فيه .
فمن يجبرك على سب الله أوالدين يا من تفعل ذلك الا أنك قد شرحت بالكفر صدرا وأنك سافل منحط وغوي مبين قال تعالى :
" من كفر بالله من بعد ايمانه الا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان. ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عّذاب عظيم , ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة , وأن الله لا يهدي القوم الكافرين , أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون "
فجدد الشهادة وتب الى الله وعد عما أنت قائم عليه من السب وارجع عما أنت عليه من الغي واجعلها توبة نصوحا لا عودة بعدها. والا تفعل تكن ممن قال رب العزة فيهم:
" ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم و لا ليهديهم سبيلا . بشر المنافقين بأن لهم عدابا أليما"
هذا بيان للناس و بلاغ لكل مسلم غيور على دينه محب لله ورسوله وللمؤمنين فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الفاسقين ولا تسكت وتخجل و تتردد في الذب عن الدين وكن لقومك من الناصحين وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة واستعن بالقوي المتين , خاصة ان كنت من قاطني تلك البلاد فبلغ قومك قدر ما تستطيع وانههم وبين لهم وذكرهم , لعل الله يهدي بك أٌقواما غفلواوضلوا ويحسبون أنهم مهتدون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة , فليبلغ القريب البعيد والشاهد الغائب والحاضر المسافر معذرة الى ربكم ولعلهم يرجعون ." اللهم قد بلغت اللهم فاشهد " " اللهم قد بلغت اللهم فاشهد " " اللهم قد بلغت اللهم فاشهد..........." والحمد لله رب العالمين .
تم بفضل من الله وتوفيقه .