بسم الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على شفيع الأمم في الموقف العظيم
اخوتي الاكارم ، انقل لكم في ما يلي الصّلاة المسمّاة "شجرة الأكوان" وهي من تحبير سيّدي محمّد المداني رضي الله عنه وأرضاه راجيا من الله العليم الحكيم أن يتيح لنا التّمتّع ببعض ما فيها من الأسرار:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
<< إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنوُا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا >>
(اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةِ الأَكْوَانْ ، المُتَفَرِّعِ مِنْ نُورِهِ مَا يَكُونُ وَمَا كَانْ ، بَحْرِ نُورِكَ المُنَزَّهِ عَنِ التَّحْدِيدْ ، المُبَرَّئِ عَنْ رِبْقَةِ الإِطْلاَقِ وَالتَّقْيِيدْ ، عَيْنِ كُلِّ الأَعْيَانْ ، المُتَدَفِّقِ مِنْ أَصْلِ النُّقْطَةِ الأَزَلِيَّةْ، المُتَجَلِّي بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِسَائِرِ البَرِيَّةْ ، الَّذِي بَرَزَتْ لِلْعِيَانِ حَقَائِقُهُ المُحَمَّدِيَّةْ ، الفَرْعُ الزَّاهِرُ الزَّاهِي ، بَلِ الأَصْلُ البَاهِرُ الإِلَهِي ، فَيْضُ الأَمَاكِنِ وَالأَزْمَانْ ، وَيُنْبُوعُ المَعَانِي وَالعِرْفَانْ ، فَهْوَ جِنَانٌ وَالأَنَامُ أَثْمَارُهُ ، أَوْ رَوْضٌ وَبُرُوقُ الخَلْقِ أَنْوَارُهُ ، بَلْ هُوَ سَمَاءُ الوُجُودِ أَضَاءَتْ فِي لَيْلِ الأَكْوَانِ بُدُورُهُ وَأَقْمَارُه! صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا انْتَشَرَ عَلَى لَوْحِ الوُجُودِ سِرُّ الأَلْوَانْ ، وَانْفَلَقَ مِنْ عَالَمِ الجَبَرُوتِ لَطَائِفُ المَلَكُوتِ وَكَثَائِفُ الأَعْيَانْ! نَسْأَلُكَ بِبُطُونِ ذَاتِكَ عَنِ الشُّهُودِ ، وَظُهُورِ آيَاتِكَ لِلْوُجُودِ ، أَنْ تَجْعَلَ فِي الصَّلاَةِ قُرَّةَ عَيْنِي ، كَيْ يَتَحَقَّقَ جَمْعِي وَيَزُولَ بَيْنِي ، وَتَثْبُتَ فِي شُهُودِي العَيْنُ بَدَلاً عَنْ غَيْنِي! وَنَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى التَّنَزُّلِ الأَوَّلِ وَالظُّهُورِ الثَّانِي ، قَبْضَةِ نُورِكَ الأَزَلِيِّ وَسِرِّ سَائِرِ الأَوَانِي!
اللَّهُمَ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مِرْآةِ الحَقَائِقِ ، مِصْبَاحِ نُورِكَ المُمْتَدِّ ضِيَاؤُهُ إِلَى أَجْزَاءِ الخَلاَئِقِ ، مَنْ تَجَلَّيْتَ عَلَيْهِ بِلاَ فَاصِلٍ وَلاَ فَارِق ، حَتَّى قُلْتَ" إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله"! فَأَسْبِلِ اللَّهُمَّ عَلَيَّ حُلَّةَ سَنَاهْ ، وَحِلْيَةَ بَهَاهْ، كَيْ يُسْقَى عَدَمِي بِمَاءِ وُجُودِه ، وَتَنْتَعِشَ رُوحِي بِعَذْبِ مَوْرُودِه ، فَيَنْطَوِيَ فِي حُضُورِي غَيْبِي ، فَأَقُولَ كَقَوْلِهِ "لِي وَقْتٌ لاَ يَسَعُنِي فِيهِ إِلاَّ رَبِّي"!
وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ عَظَمَةِ فَيْضِكَ الرَّحْمَانِيِّ المُتَدَفِّقِ مِنْ عَالَمِ الجَبَرُوتِ عَلَى هَذَا العَالَمِ الفَانِي فَقُلْتَ "الرَّحْمَانُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى" ، فَاخْتَفَى عَدَمُ الخَلْقِ فِي وُجُودِكَ وَانْطَوَى ، فَقُلْنَا لاَ مَوْجُودَ غَيْرُكَ ، وَمَا فِي الشُّهُودِ إِلاَّ بِرُّكَ وَخَيْرُكَ! فَاحْجُبِ اللَّهُمَّ بَصَائِرَنَا عَنِ العَدَمِ ، وَكَحِّلْ أَبْصَارَنَا بِنُورِ القِدَمِ وَأَوْقِدْ لَنَا نُورَ التَّوْحِيدِ مِنْ شَجَرَةِ "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله" ، حَتَّى لاَ نَرْضَى بِصُحْبَةِ غَيْرِكَ وَلاَ نَرَاه!
الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ الوُجُود ، وَعَيْنَ الوُجُود ، وَمِفْتَاحَ الشُّهُود! أَيُّهَا المَظْهَرُ الأَتَمُّ ، وَالنُّورُ الأَكْمَلُ الأَعَمُّ! يَا مَنْ أُسْرِيَ بِكَ إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى ، حَتَّى كُنْتَ "قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى" ، فَانْطَوَى لَيْلُ البَشَرِيَّةِ فِي نَهَارِ تِلْكَ الذَّاتِ العَلِيَّةِ ، فَأَوْحَى إِلَيْكَ مَا أَوْحَى ، وَانْبَعَثَتْ إِلَيْنَا أَشِعَّة ُ ذَلِكَ النَّهَار ، وَأَشْرَقَتْ عَلَى عَدَمِنَا الشُّمُوسُ مِنْكَ وَالأَقْمَار ، فَوُجُودُنَا وُجُودُكَ ، وَشُهُودُنَا شُهُودُكَ ، وَنَحْمَدُ اللهَ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَمَالِهِ ، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا يُنَاسِبُ إِنْعَامَهُ وَأَفْضَالَهُ ، وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى الخُلَفَاءِ فِي الشَّرِيعَةِ ، وَالأَحْكَامِ المُطَهَّرَةِ المَنِيعَةِ ، وَعَلَى جَمِيعِ الآلِ وَالأََصْحَابِ الأُولَى غَرَفُوا مِنْ بَحْرِ حَقَائِقِهِ الوَاسِعَةِ الرَّفِيعَةِ ، وَعَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينْ ، وَذُرِّيَاتِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينْ! وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين!)