بسم الله الرحمن الرحيم
من أفضل كتب الحكمة كتاب منبع أصول الحكمة للبوني رحمه الله وغفر له.
وهو بالرغم من أنه ليس الأفضل فقط بل الأقل تصحيفا عن غيره ومع ذلك فهو به أخطاء مطبعية كثيرة كما أنه غامض على معظم الطلاب وذلك كوني البوني مشهور بالتلويح في التصريح.
وهنا بإذن الله سوف نقوم بشرح الكتاب بما تيسر لنا من فضل الرحمن. وسأحاول قدر الإمكان عدم إبداء آرائي المعارضة أحيانا لآراء الشيخ سواء الشخصية أو حتى عندما أعلم أن الشيخ إنما أراد بذلك التمويه عندا يخقي بل سنوضح ما أخفى بدون كشف التمويه وبذلك نكون وفقنا بين غرضنا البيان للناس وغرض الشيخ من تمويهه والله المستعان:
أرقام الصفحات على طبعة إشاعة الإسلام:
الصفحة رقم ـــــ 6
1ــ بعد قوله : إعلموا معشر الأخوان أن هذا الفن هو البسط:
البسط هو وضع المراد حروفا مفرقة غير متشابكة وهو على أنواع مثاله في إسم حمد بسطه على أنواعه:
الأول:ـ ح م د وهو بسط رقمي ويسمى أحيانا حرفي
الثاني:ـ حا ميم دال وهو بسط حرفي ويسمى أحيانا مركب حرفي
الثالث:ـ أن ح=8 م=40 د=4
فبسطها الثالث يكون: ثمانية أربعين أربعة وهو بسط عددي ويسمى أحيانا مركب عددي وأحيانا الكعب
الرابع:ـ من البسط الثاني الذي هو: حا ميم دال. فالحاء = 8 أ=1 م=40 ي=10 م=40 د=4 أ=1 ل=30
فالبسط الرابع يكون:
ثمانية واحد أربعين عشرة أربعين أربعة واحد ثلاثين
ويسمى أحيانا بالمكعب أو التكعيب وهناك طرق أخرى للتكعيب وسيأتي شيئ منها.
2ــ بعد قوله: والعمل بعده والطالب آخرا ثم يُكسر:
التكسير على ثلثة وعشرين نوعا. ويحلو لي تسميته التكثير وقد قيل علم التكسير خير من الإكسير. وهو فن من فنون علم الحرف المحض ويأتي بعد بسط الغرض بأي من الطرق السابقة. والنوع الذي ذكره المؤلف هو المشار إليها بالطريقة الكبرى في التكسير وهي من اليسار إلى اليمين وهي الطريقة الأشهر. ففي أي مؤلف لم يذكر ويخصص مؤلفه طريقة التكسير فالمعنى هو هذه الطريقة. ومثاله في إسم مطلوب تكسيره هكذا:
م ط ل و ب
ب م و ط ل
ل ب ط م و
و ل م ب ط
ط و ب ل م
م ط ل و ب
ونلاحظ في السطر الأخير مطلوب. وهذا من قول المؤلف: إلى أن يعود السطر الأول. وهو هنا في المثال قد عاد. ويثبته البوني في التكسير خلافا لغيره. وقد إحتج لذلك بالسر الذي ذكره في إثباته نفعا بلا ضرر. والسطر الأخير إذا ما ظهر مثل الأول يسمى الزمام وبظهوره يعلن إنتهاء التكسير.
3ــ بعد قوله:ـ من نفس إسم المطلوب أحق من إستخراجه من الموازين:
الموازين هما سطران من التكسير الأول للغرض المطلوب. سطر من اليمين وسطر من اليسار وفي المثال السابق الموازين هما:
م ب ل و ط م
ب ل و ط م ب
4ــ بعد قوله:ـ والقسم من أسطر التوليد:
إستخراج القسم الذي يقسم به على العمل من أسطر التوليد وهو التكسير جميعه تؤخذ حروفه بالطول. ففي المثال السابق تخرج هذه الأسماء:
مبلو طمطم بلوط...... وهكذا رباعية في الخير وكل خمسة أحرف إسم للشر. إلا أن للبوني رأي في أنه لا يتكرر حرف في نظم هذه الأسماء وله طريقة في تعديل هذا التكرار وليس كما فعلنا هنا مثل طمطم كما سيذكر ذلك لاحقا. ويُضاف لكل إسم من هذه الأسماء الإضافة الهرمسية إييل. وإنما وضعنا المثال لمعرفة كيفية لقط الأسماء من حروف التكسير.
5ــ بعد قوله:ـ ويكسر ما بقي ويجعل ذلك أعوانا:
بعض الحكماء بعد إستخراج القسم من أسطر التكسير كما فعلنا يأخذ أحد الموازين ويحذف مكرره ويكسره وينظم منه أعوانا يقسم عليهم بالتوكل في العمل بالقسم المستخرج أولا. وإختيار أحد الموازين واضح كون الميزان الأول الذي على يمين التكسير ما هو إلا نفسه الذي على اليسار كما هو واضح من مثالنا السابق
م ب ل و ط م
ب ل و ط م ب
فتأخذ الذي على اليمين م ب ل و ط م ونحذف مكرره ونكسره كما فعلنا أولا هكذا:
م ب ل و ط
ط م و ب ل
ل ط ب م و
و ل م ط ب
ب و ط ل م
م ب ل و ط
وننظمها رباعية في الخير أو خماسية في الشر مثاله:
مطلو بمبم طلوب .. وهكذا بالطول فتكون هذه الأسماء هي الأعوان التي تقسم عليها بالقسم المستخرج من أسطر التوليد الأصلي. ومع هذا فإن المؤلف إعتبر هذا العمل ضعيفا . فللبوني طريقة أخرى لإستخراج أعوان القسم وهي من إسم المطلوب كما سيأتي تفصيله.
6ــ بعد قوله:ـ الكتاب المعروف بالفن المؤتلف.
يشير المؤلف هنا إلى فن من فنون علم التكسير وهو المزج. وهو يأتي بعد بسط العمل حروفا مفرقة ثم بعده يأتي التكسير. ولقد ذكر المزج في كتاب السر المظروف ولم يستخدم في هذه الطريقة من التكسير التي شرحها الكتاب وكذلك لم يستخدمها البوني هنا في نفس الطريقة. لذلك فقد أشار إليها البوني تلويحا لمن أراد الرجوع إليها في كتابه الفن المؤتلف كتحصيل حاصل. وإشارة إلى أنها أحق أن تستخدم للتأليف بين فلان وعلان وذلك من معنى المزج الفعلي للحروف أي ربطها بالطالب والمطلوب وتتآلف الحروف مع الحروف فيقع الشيئ نفسه للمطلوب.
مثاله في حمد محبة هند نبسط العمل ثم نمزجه هكذا:
حمد هند وبعد المزج
ح هـ م ن دد
حرفا من هذا وحرفا من تلك ثم يكسر هذا البسط الممزوج. ولا يستعمل المزج غالبا إلا إذا كان المراد إستجلاب خاصية حرفية لحرف أو لمجموعة من الحروف للطالب. أو ما بين الطالب ومطلوبه كمثل إستخدام حروف بدوح المشهوره للمحبة لزوجية أعدادها بين الطالب والمطلوب مزجا فتقوم حروف بدوح مقام ذكر العمل من محبو أو طرد أو شفاء وغيره من الحروف المراد مزجها وتمتلك تلك الخواص.
الصفحة رقم ــــــ 7
1ـ بعد قوله:ـ وزايرجة وطالع للعمل الدائم ودخنة:
رقم .. أي ما يكتب... وقت أي ساعة...الزايرجة هو الشيئ الذي يكتب أو ينقش عليه العمل. الطالع هو الكوكب الذي يطلع مع ذلك البرج وهي ثلاثة كواكب تطلع مع كل برج لكل كوكب ثلث توقيت البرج وكل ثلث يسمى وجه فهي ثلاثة وجوه بثلاثة كواكب كل ساعة. دخنة أي ما يبخر به أثناء العمل.
وجميع هذه المصطلحات سيأتي على تفصيلها لاحقا.
2ـــ بعد قوله:ـ راجيا بذلك جزيل الثواب من رب الأرباب:
هرمس هو الإسم اليوناني لنبي الله إدريس عليه السلام. ويسمى عند أهل الحبشة والسودان أخنوخ الحكيم. وقد قيل أن جميع العلوم السرية قد أظهرها على النبي إدريس لما روي أنه قد ذهب إلى شاطئ البحر غضبانا على قومه الذين لم يهتدوا إلى ما يهديهم إليه. فتمثل له هناك جبريل عليه السلام على شكل رجل. وناداه بإسمه يا إدريس. فأنكره إدريس لما لم يكن على هيئة وشكل قومه. فسأله عن كيفية معرفته لإسمه؟ فأخبره جبريل أنه قد علمه بعلم. فسـأله إدريس أن يعلمه إياه. فخط له جبريل نقاطا على رمل الشاطئ وكان ذلك علم الرمل لذا تتكرر عبارة أن العلم كله من نقطة في مصنفات الحكماء. وكما حكي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه روايته عن نقطة الباء في البسملة وهي أول ما خط في القرآن الكريم. ثم أن نبي الله إدريس لما أتقن ما علمه جبريل سأله جبريل أن يضرب على الرمل بنية معرفة مكان جبريل هل هو في السماء؟ فخرج الجواب بالنفي فعرفه إدريس أنه هو جبريل. فذهب إلى قومه وأخذ يخبرهم بكل ما فعلوه وما أسروه وما خبأوه فأعجبوا به فتعلموا منه ذلك. وكانت تخرج لهم الأسماء صحيحة مثل من سرق متاع فلان بن فلان فيخرج الجواب السارق فلان بن فلان والسرقة حدثت كذا وكذا وهي الآن في كذا وكذا ويجدون ذلك كله صحيحا. فطلب منهم نبي الله إدريس أن يضربوا تخت الرمل بنية معرفة هل أرسل الله نبيا وما إسمه؟ فخرج الجواب نعم وإسمه إدريس فكانت تلك معجزته التي إستخدمها لهداية قومه لدين الله. وبعدها صاروا يضربون الرمل لكل شيئ فإذا أرادوا معرفة دواء لمرض من الأمراض يسألون ضمير الرمل فيجيبهم وسواء كانت الإجابة بإستخدام العقاقير الطبيعية الممزوجة أو بإستخدام الأسماء لخرق العادات ونقل الصخور والطيران وغيرها وهكذا بدأت أولى مؤلفات هذه العلوم السماوية. ووجد أن لنبي الله إدريس مؤلف إسمه سفر إدريس وقد شرحه ابن سبعين. وكتابه مداطيس وكتاب الأسفوطاس وكتاب الهاديطوس وكتاب كنز الأسرار وذخائر الأبرار الذي يعد خامس كتاب في علم الحرف وكتاب السر البديع وكتاب الملاطيس الأكبر.
أما حديث البوني عن الطريقة الكبرى التي قال أنها وصلت إليه مشافهة هي المسماة بالطريقة الكبرى ووالتي عليها مدار هذه الرسالة. وهي نفسها في كتاب السر المظروف مع بعض التعديلات الطفيفة. وطريقة السر المظروف أحسن من طريقة البوني وأوضح وأمتن خاصة أن البوني في التحفة الرابعة لم يضع لها مثالا كما أنه وزع وشتت أجزائها في الرسالة كلها على عكس السر المظروف الذي شرح جزيآتها في مكان واحد ثم وضع لها مثالا عليها في كل ما يحتاجه الطالب حتى أنه رسم شكل وضع وفق المثال والتوكيل حوله. كما شرح هذه الطريقة الأستاذ الكبير عبد الفتاح الطوخي في كتابه البداية والنهاية بنفس المثال الذي في السر المظروف وهي طريقة تحتاج إلى بعض التأمل.
3ــ بعد قوله:ـ وأوقات عمل الشر ما عدى هذه الساعات:
حاصل كلام المؤلف أن الساعات السعيدة في الأسبوع لأعمال الخير وهي:
يوم الأحد ــــ للشمس ــــ الساعة الأولى أو الثامنة
يوم الإثنين ـــ للقمر ــــ نفس الساعات
يوم الخميس ـــ للمشتري ــــ نفس الساعات
يوم الجمعة ــــ للزهرة ــــ نفس الساعات
والساعات النحسة لأعمال الشر وهي :
يوم الثلاثاء ـــ للمريخ ــــ الساعة الأولى أو الثامنة
يوم الأربعاء ـــ لعطارد ـــ نفس الساعات
يوم السبت ـــ لزحل ــــ نفس الساعات
والساعات بالتوقيت العربي أي الأولى عند شروق الشمس من ذلك اليوم فإذا أشرقت الشمس مثلا الساعة الخامسة والنصف صباحا فتلك هي الساعة الأولى عربي لذلك اليوم وهكذا توزع الساعات بكواكبها.
4 ــــ بعد قوله:ـ كانت أبلغ في أعمالها وانتقال ذلك المطلوب:
وذلك من حساب طول ذلك الكوكب ووسطه في ذلك الوقت. فإن كان الطول أقل من الوسط كان الكوكب صاعدا وإذا كان الطول أكثر من الوسط كان الكوكب هابطا. وقد أتى الأستاذ عبد الفتاح الطوخي في كتابه البداية والنهاية على شرحها شرحا وافيا واضحا. وعلى العموم فمعرفتها ليست بالضرورة في هذه الأعمال. إنما يكفي معرفة ساعة العمل من ذلك اليوم لأي كوكب مناسب لذلك العمل وهذا ما سيقرره البوني لاحقا ووصفه بأنه السر الخفي وأم معرفة الأرصاد الأخرى ليست إلا للإستدلال على طبيعة المواليد في تلك الأوقات أي خاصة بالمنجمين.
.
ونلتقي إن شاء الله في شرح ما تبقى من الكتاب
والله يقول الحق وهو المستعان